هل أوروبا تستعد لمواجهة غير تقليدية مع روسيا..التفاصيل

تعالت الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي محذرة من أن روسيا لم تعد تكتفي بحربها في أوكرانيا، بل بدأت بتنفيذ حرب هجينة تستهدف قلب القارة العجوز عبر هجمات إلكترونية، وحملات تضليل
إعلامي، ومسيرات مجهولة المصدر أربكت الدفاعات الجوية وأغلقت مطارات رئيسية في ألمانيا والدنمارك والنرويج.
التحذير الأشد جاء هذه المرة من الاستخبارات الألمانية، التي تحدثت عن احتمال كبير لشن هجوم روسي على أوروبا في عام 2029، في ظل تصاعد المخاوف من تحول التوتر السياسي إلى
مواجهة أوسع نطاقًا.
مع تنامي موجة الهجمات السيبرانية والتخريبية في عدد من دول الاتحاد، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين أمام البرلمان الأوروبي أن القارة تواجه حربا هجينة متكاملة
تشنها روسيا.
الحرب الهجينة
المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي يتزعم حاليا خط المواجهة السياسية داخل القارة، أعلن عن إعداد خطة عمل شاملة لمواجهة ما وصفها بـ”الحرب الهجينة الروسية ضد أوروبا”.
ورأى أن ما يجري اليوم هو امتداد لسياسة روسية ثابتة تقوم على تقويض استقرار الخصوم من الداخل قبل أي تحرك عسكري مباشر.
وفقا لما كشفه الخبير في الأمن الدولي مصطفى العمار في حديثه لبرنامج التاسعة على قناة سكاي نيوز عربية، فإن التقارير الاستخباراتية الألمانية الأخيرة تشير إلى “احتمالية كبيرة لهجوم
روسي على أوروبا، وعلى ألمانيا تحديدا، بحلول عام 2029”.
وقال العمار: “هذه التقارير ليست عبثية، بل تستند إلى سجل روسي طويل في استخدام أساليب الحرب الهجينة منذ عام 2014، كما أن أجهزة المخابرات التي توقعت الغزو الروسي لأوكرانيا
كانت ذاتها وراء هذا التحذير الجديد”.
وأضاف العمار، أن برلين بدأت فعليا في اتخاذ إجراءات وقائية، أبرزها نقل مجلس الأمن القومي الألماني إلى مقر المستشارية، بحيث يتمكن من إصدار قرارات عاجلة دون المرور بمداولات
البرلمان، تحسبا لأي طارئ أمني أو هجوم سيبراني واسع.
رهان على الخوف
ويرى العمار أن “روسيا تسعى إلى تفكيك الداخل الأوروبي من خلال زرع الخوف والانقسام داخل المجتمعات، وإشعال خلافات سياسية وشعبية، دون الحاجة إلى مواجهة عسكرية مباشرة”.
لكنه في المقابل يؤكد أن “الاستعدادات الأوروبية هذه المرة مختلفة جذريا، وألمانيا باتت تنفق مليارات اليوروهات على البنية الدفاعية والتكنولوجية لمواجهة التحديات المستقبلية”.
حرب علوم وتكنولوجيا
العمار، الذي يشغل عضوية المجلس الأمني القومي الألماني، أشار إلى أن “الحرب المقبلة لن تكون حرب صواريخ أو دبابات، بل حرب علوم وتكنولوجيا”، في إشارة إلى أهمية الذكاء الاصطناعي
والابتكار الصناعي في دعم القدرات الدفاعية.
وأوضح أن أوروبا بدأت بالفعل الاستثمار في بنية تحتية رقمية جديدة، مستشهدا بمؤتمر عقد مؤخرا في فرانكفورت ناقش سبل استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة الهجمات السيبرانية
والتضليل الإلكتروني.
في خضم هذه التحديات، يشدد العمار على أن “أوروبا لن تتمكن من مواجهة الخطر الروسي إلا بالوحدة السياسية والعسكرية”.
وقال في حديثه: “عندما نتحدث عن ألمانيا، فنحن نتحدث عن أوروبا. نحن لا نحارب فقط من أجل أنفسنا، بل للدفاع عن الاتحاد الأوروبي ككل”.
ويضيف أن إرسال ألمانيا مقاتلات إلى بولندا ودعمها للدانمارك في خطط الدفاع الجوي “يؤكد أن برلين لم تعد تتصرف كدولة منفصلة، بل كقلب أمني للقارة بأكملها”.
في المقابل، يرى العمار أن روسيا تراهن على الخلافات الداخلية الأوروبية، وعلى ما وصفه بـ”الانقسامات السياسية والمجتمعية”، إلا أن هذه الرهانات، بحسب تعبيره، “لن تؤتي ثمارها في ظل
الوعي المتزايد لدى الأوروبيين بخطورة ما يجري”.
العمار أشار إلى أن “الحرية والسلام والتنقل بين دول الاتحاد الأوروبي لم تأت من فراغ، بل نتيجة لتضحيات واستثمارات في الأمن”.
وقال: “نعم، هناك من يسأل لماذا ننفق على الدفاع بدل التعليم، لكن من دون أمن لا يمكن حماية أي من هذه القيم”.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار