التوازن بين الاحتجاج والتأزيم في مواجهة البطالة وآفاق الشباب المغربي

تعد قضية البطالة وغياب الآفاق عند فئة واسعة من الشباب المغربي، خاصة في ضوء أحداث الفنيدق وغيرها من الاحتجاجات، معضلة كبيرة تحتاج إلى معالجة عميقة وشاملة. إلا أن تناول هذا الموضوع يجب أن يتم بطريقة متزنة بعيدة عن الإفراط في التشاؤم أو تقديم البلاد على أنها على حافة الانهيار، وهو أمر غير صحيح بتاتا.
إذا كان هناك الكثير من المغاربة الذين يفكرون في الهجرة بحثًا عن حياة أفضل، فإن هناك عددًا أكبر من المواطنين الذين يعيشون في بلادهم ويرون فيها فرصة للعيش الكريم. هذا التوازن بين أولئك الذين يسعون إلى الهجرة وأولئك الذين يرون في المغرب موطنًا مستقرًا يجب أن يكون حاضرًا في أي نقاش حول الوضع الاجتماعي.
البطالة في المغرب لا يمكن اختزالها في وزارة أو حكومة معينة، فهي مشكلة أعمق من ذلك بكثير، تتعلق بالعدالة الاجتماعية والتفاوت في الفرص. هناك فئة من الناس استفادت من موارد البلاد وتعيش في ظروف مريحة، بينما هناك فئات أخرى تعيش على الهامش وتعاني من البطالة والتهميش. هذا التفاوت يظهر بشكل واضح في تركيبة المجتمع المغربي، ويعبر عن أزمة أكبر من مجرد نقص فرص العمل.
الأحزاب السياسية في المغرب ليست بعيدة عن هذه المشكلة. فهي جزء من الحل ولكنها في نفس الوقت جزء من المشكلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتوظيف العلاقات الحزبية للحصول على المناصب العمومية. يجب أن يكون هناك نقاش صريح حول عدد الأشخاص الذين تم توظيفهم بناءً على انتماءاتهم الحزبية وليس بناءً على كفاءتهم.
الاحتجاج حق مشروع لكل مواطن، لكنه يجب أن يكون في إطار البحث عن حلول، وليس بهدف تأزيم الأوضاع. هناك جهات تسعى إلى تأجيج الأزمات وزيادة التوتر، بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. خلط الأوراق واللجوء إلى تصعيد المواقف قد لا يخدم مصلحة المواطن البسيط الذي يبحث عن فرصة عمل وحياة كريمة.
الواقع المغربي معقد، فهو يحتوي على الجميل والقبيح. من الضروري أن يستمر الجهد المبذول من قبل الدولة والمجتمع من أجل تحسين ظروف العيش لجميع المواطنين. لكن في نفس الوقت، يجب أن نتجنب تصوير المغرب على أنه سجن كبير أو بلد على وشك الانهيار، لأن هذه الصورة لا تعكس الواقع الحقيقي.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار