أقلام حرة

الصحراء المغربية: عندما تفرض الشرعية التاريخية والقانونية إجماعًا دوليًا

حفيظ بوتشكوشت، حنان اشتيوي

الاعتراف المتزايد بسيادة المغرب على الصحراء من قبل قوى دولية عديدة يشكل تحوّلاً استراتيجياً ذا أبعاد متعددة، إذ

يستند إلى شرعية تاريخية وقانونية. فالصحراء لطالما كانت جزءاً لا يتجزأ من المملكة المغربية، ويرجع هذا الرابط إلى قرون مضت قبل الحقبة الاستعمارية، حيث كانت الصحراء تحت حكم السلاطين المغاربة، وظلت القبائل الصحراوية تربطها روابط البيعة والولاء للعرش المغربي. وقد أكدت محكمة العدل الدولية هذا الارتباط التاريخي في عام 1975 عندما أقرت بوجود روابط بيعة بين القبائل الصحراوية وسلطان المغرب، ما يرسخ حقوق المملكة المشروعة على هذا الإقليم ويؤطر السيادة المغربية في سياق قانوني دولي.

1. البُعد الاقتصادي

إن الاعتراف الدولي بشرعية السيادة المغربية على الصحراء يفتح الباب لاستثمارات واسعة النطاق في المنطقة، مما يعزز التنمية الاقتصادية المحلية ويُحسّن من ظروف المعيشة للسكان الصحراويين. فالاستثمارات الدولية في البنية التحتية والطاقة المتجددة والسياحة من شأنها أن تُحول الصحراء إلى مركز اقتصادي وتجاري محوري، خصوصاً مع المشاريع الكبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي. هذا المشروع، وغيره من المشاريع التنموية، يضع الصحراء في قلب التواصل التجاري بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين، ما يعزز دور المغرب كحلقة وصل اقتصادية في القارة الإفريقية ويدعم موقعه كمحور إقليمي للتجارة والتنمية.

2. البُعد الاجتماعي

يعزز الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء جهود المملكة في إدماج هذه المنطقة بشكل كامل في النسيج الوطني، عبر إطلاق مشاريع تنموية تستهدف تحسين مستوى العيش للسكان المحليين. واستناداً إلى شرعية تاريخية، يساهم المغرب في توفير التعليم، الصحة، والتكوين المهني في الأقاليم الجنوبية، ما يضمن تمكين السكان المحليين وتوفير فرص عمل. هذا الاندماج الاجتماعي يعزز الاستقرار ويكرس الانتماء الوطني، ويجعل من الصحراء نموذجاً للجهود التنموية التي تحقق تكافؤ الفرص وترفع مستوى التنمية البشرية على مستوى وطني شامل.

3. البُعد الدبلوماسي

إن الاعتراف الدولي بشرعية السيادة المغربية على الصحراء يعزز من موقف المغرب في المشهد الدبلوماسي العالمي ويكسبه دعماً قوياً من قبل دول كبرى مثل الولايات المتحدة، ودول أوروبية وإفريقية. هذا الاعتراف يساهم في الحد من تأثير الحركات الانفصالية ويعزز من قوة الموقف المغربي على الساحة الدولية، ما يعكس احترام المجتمع الدولي للحقوق التاريخية للمغرب. وفي إطار هذا الدعم، يسهم المغرب بشكل فاعل في استقرار إفريقيا عبر شراكاته الاقتصادية والأمنية، ويُعزز دوره كقوة إقليمية مؤثرة في الاتحاد الإفريقي، ما يعزز من مساعيه نحو تكامل مغاربي وعربي وإفريقي أوسع، ويخلق فرصاً جديدة للتعاون بين الدول.

4. البُعد الجيوسياسي

من الناحية الجيوسياسية، يشكل استقرار الصحراء تحت السيادة المغربية ضمانة لتعزيز الأمن الإقليمي، حيث يلعب المغرب دوراً محورياً في مواجهة الإرهاب والتهريب والهجرة غير النظامية في منطقة الساحل وشمال إفريقيا. إن هذا الاعتراف يرسخ مكانة المغرب كحليف استراتيجي للقوى الكبرى وللدول العربية، ويُكسبه موقعاً متقدماً في مكافحة التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يُعزز هذا الاستقرار دور المغرب كوسيط إقليمي يُمكنه التوسط في النزاعات وتعزيز الحوار الإقليمي، ما يجعله شريكاً موثوقاً وقوةً دافعة نحو الأمن والسلام في المنطقة.

يشكل الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء مكسباً دبلوماسياً واستراتيجياً يعكس شرعية تاريخية ويعزز الحقوق الوطنية المغربية. ويسهم هذا الاعتراف في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويرسخ المكانة الدبلوماسية للمغرب كفاعل إقليمي ودولي رئيسي. إن دمج الصحراء في السيادة المغربية ضمن إطار من الاستقرار والسلام يمثل نموذجاً لإدارة ترابية تعتمد على أسس تاريخية متينة، وتفتح آفاقاً واسعة للتنمية والازدهار المشترك، بما يضمن حقوق السكان المحليين ويدعم التوجهات التنموية والاقتصادية للمملكة على المدى الطويل

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار