أخبار عامة

المغرب يخطط لإطار قانوني جديد لضبط فضاء التواصل الاجتماعي…التفاصيل

لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد فضاءات افتراضية للتعبير أو الترفيه، بل تحولت إلى قوى مؤثرة تتسلل إلى وجدان الشعوب ووعي الأجيال، وغالبًا ما تحكمها خوارزميات لا تعترف بالقيم التربوية أو الوطنية. في المغرب، يبدو أن “زمن التفاهة” قد بلغ حدًا مقلقًا، حيث لم تعد الأزمة مقتصرة على مضامين تافهة، بل امتدت إلى تهديدات مباشرة لسيادة الدولة ومناعة المجتمع.

بين حرية التعبير وحرية الهدم
في الوقت الذي يُرفع فيه شعار “حرية التعبير”، تشهد الساحة الرقمية انفجارًا في المحتوى الذي يروّج للرداءة، وينتج مؤثرين يجنون أموالاً طائلة مقابل ما يمكن اعتباره “جريمة تربوية وإعلامية”. والمخيف في المشهد أن جيلًا كاملًا أصبح يتخذ من نجوم “التفاهة” قدوة، بدل المعلم والمفكر والمربي.

هذه الوضعية ليست مغربية خالصة، لكنها تطرح في السياق المغربي تحديًا وجوديًا، لا سيما مع ازدياد تأثير المحتوى الرقمي على السلوك الجماعي، والخيارات السياسية، والمفاهيم الأخلاقية. وهنا يكمن الفرق بين حرية التعبير، وحرية الهدم التي تُمارَس تحت حماية الإفلات من العقاب.

في هذا السياق، برزت تحركات وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، الذي يقود جهودًا حثيثة لوضع إطار قانوني صارم ينظم عمل المنصات الرقمية في المغرب، وعلى رأسها “يوتيوب” و”تيك توك”، والتي تستغل الفراغ التشريعي لتدرّ الملايين من سوق الإشهار المحلي دون أي التزامات قانونية أو ضريبية.

وفق مصادر مطلعة، يرتكز مشروع القانون الجديد على مجموعة من الأسس الصلبة، أبرزها:
1. إلزام المنصات بتعيين ممثل قانوني داخل المغرب لتجنب انتشار التفاهة
حتى الآن، لا تملك الشركات المالكة للمنصات الرقمية أي تواجد قانوني بالمغرب، مما يُعقّد متابعة الشكايات أو تنفيذ الأحكام القضائية. ومع التشريع المرتقب، سيكون لزامًا عليها فتح مكاتب محلية وتعيين مخاطب رسمي للدولة.

2. ضبط المحتوى وآليات تعديله
سيُطلب من المنصات اعتماد خوارزميات متطورة لرصد وحذف المحتويات غير القانونية، كخطابات الكراهية والعنف والأخبار الزائفة، مع تفعيل أدوات الإبلاغ وتقديم تقارير دورية حول التفاعل مع الشكايات.

3. حماية القاصرين من المحتوى الضار
سيتضمن القانون آليات فعالة لحماية الجمهور الناشئ، من خلال تصنيف المحتوى حسب الأعمار، تفعيل الرقابة الأبوية، ومنع الإشهارات الموجهة إلى فئات ضعيفة.

4. محاربة الأخبار الزائفة والتضليل
تلزم المقتضيات الجديدة المنصات بإزالة المحتوى التضليلي، والتعاون مع الدولة في تتبع الحملات المشبوهة أو الممولة خفية، حماية للرأي العام من الانزلاقات الخطيرة.

5. العدالة الضريبية والرقابة المالية
ستُفرض على المنصات الرقمية التصريح بإيراداتها في السوق الوطني، احترامًا لقواعد الشفافية الجبائية والتكافؤ بين الفاعلين المحليين والدوليين.

يُنتظر أن تتوسع صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) لتشمل الإشراف على المحتوى الرقمي، تمامًا كما تفعل نظيراتها الأوروبية بموجب قانون الخدمات الرقمية (DSA). وهنا يسعى المغرب إلى محاكاة النموذج الأوروبي الأكثر تطورًا عالميًا، من حيث الضبط القانوني والسيادة الرقمية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار