سياسة

تكليف وزير الداخلية بانتخابات 2026 بدل رئيس الحكومة.. تدبير تقني أم إعادة ضبط سياسي

كلّف الملك محمد السادس، في خطاب العرش لسنة 2025، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالإشراف المباشر على التحضير لـالانتخابات المقبلة المرتقبة سنة 2026، وهو تكليف يحمل دلالات عميقة، بالنظر إلى أن هذه المهمة كانت، في السابق، من صميم اختصاص رئيس الحكومة، كما حدث خلال ولايتي عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، مما يعني رسميا فقدان الثقة في أخنوش، الذي عثا في الدولة استغلالا..

من الإشراف على القطيع إلى تأمين المسلسل الانتخابي
ويأتي هذا التكليف بعد أشهر فقط من قرار ملكي سابق أوكل إلى وزير الداخلية نفسه مهمة الإشراف على إعادة بناء قطيع الماشية بشكل مستدام، في أعقاب أزمة غير مسبوقة أدت إلى إلغاء شعيرة عيد الأضحى. وكان لافتًا أن يُسند هذا الملف، الذي يُفترض أن يكون ضمن صلاحيات وزارة الفلاحة، إلى وزارة الداخلية، وهو ما اعتُبر بمثابة إعادة ترسيم حدود الاختصاصات التنفيذية داخل الدولة على أساس الفعالية الميدانية أكثر من الانتماء القطاعي.

البعد السيادي والرمزي للتكليفين
لا يمكن فصل الإشراف على ملف الأضاحي عن تكليف لفتيت بالإشراف على انتخابات 2026، فكل منهما يحمل طابعًا سياديًا ورمزيا ويمسّ بشكل مباشر ثقة المواطن المغربي في مؤسسات الدولة. الأول جاء في أعقاب أزمة أثّرت على مصداقية الأسواق والفلاحين، والثاني يسبق محطة سياسية حاسمة يُرتقب أن تعيد رسم التوازنات الحزبية وتختبر مجددًا علاقة الشارع بـالمؤسسات المنتخبة.

تصاعد تمركز وزارة الداخلية: فعالية على حساب الخطاب الحزبي
يُقرأ هذا التمركز المتصاعد لـوزارة الداخلية في صلب عدد من الملفات الاستراتيجية كإشارة إلى أولوية الأداء الميداني، وكمؤشر على محدودية الأدوات الحزبية في مجاراة التحديات التنفيذية، خاصة أن عددًا من الملفات الكبرى لا يزال رهينة تداخل مزمن بين منطق الإنجاز العملي ومنطق التموقع السياسي.



وفي هذا السياق، فإن تكليف وزارة الداخلية بالإشراف على المسلسل الانتخابي لسنة 2026 قد يُفهم باعتباره خيارًا لضمان الصرامة والمصداقية، خاصة أن هذه الانتخابات لا يُتوقع أن تكون عادية، سواء من حيث النتائج أو من حيث تداعياتها السياسية في ظل التغيرات المرتقبة في المشهد الحزبي المغربي.

عودة المقاربة التكنوقراطية: تأقلم أم تراجع؟
في موازاة ذلك، تبدو الدولة المغربية، في تعاطيها مع الملفات الحساسة، وكأنها تُعيد إحياء المقاربة التكنوقراطية، سواء في إعادة هيكلة قطاع الماشية أو في تحضير الانتخابات، وهو ما لا يعني بالضرورة تراجعًا عن روح دستور 2011، بقدر ما يعكس تأقلمًا براغماتيًا مع السياق الوطني وتطلعًا إلى قرارات سريعة الأثر وذات مردودية عالية.

وتُشير هذه المقاربة إلى رغبة واضحة في الفصل بين العمل السياسي والخدمة العمومية، عبر تعزيز دور الأجهزة التنفيذية المحايدة في تدبير الاستحقاقات الوطنية، من أجل تأمين الاستقرار المؤسسي وتجاوز منطق التجاذب الحزبي في الملفات الاستراتيجية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار