توتر في البيت الأبيض: مواجهة حادة بين ترامب وزيلينسكي حول مستقبل أوكرانيا

حنان اشتيوي وحفيظ بوتشكوشت
تحولت القمة الأخيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض إلى مواجهة علنية حادة، كاشفة عن عمق الخلافات الدبلوماسية بين واشنطن وكييف. ما كان يفترض أن يكون اجتماعًا لتعزيز التعاون الاقتصادي، انتهى بمشهد سياسي عاصف يحمل في طياته تداعيات جيوسياسية كبرى.
لقاء تحت ضغط التوترات الدولية
كان الهدف المعلن لهذه القمة توقيع اتفاق حول استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية بشكل مشترك، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد الأوكراني وتعزيز الشراكة بين البلدين، خاصة في ظل استمرار الحرب مع روسيا. إلا أن الاجتماع سرعان ما خرج عن مساره الدبلوماسي، حيث ارتفعت حدة الخطاب بين الطرفين منذ اللحظات الأولى.
لم يتردد الرئيس ترامب في توجيه اتهام مباشر لزيلينسكي، قائلاً إنه “يلعب بالنار وقد يقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة”، وهي تصريحات فجرت أجواء التوتر في القاعة. ورد زيلينسكي بحدة، مؤكدًا أن سيادة أوكرانيا واستقلال قرارها السياسي ليسا موضوعًا للمساومة، حتى في سياق التحالفات الدولية.
ولم يقتصر التصعيد على ترامب وحده، إذ انضم نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، إلى الانتقادات، واصفًا زيلينسكي بـ”المستفز”، في موقف زاد من حدة الجدل وأثار ردود فعل قوية داخل أوكرانيا وخارجها.
التفاف شعبي واسع حول زيلينسكي في أوكرانيا
عقب عودته إلى كييف، استُقبل زيلينسكي بحفاوة شعبية كبيرة، حيث رأى فيه الأوكرانيون زعيمًا ثابتًا على مواقفه، يرفض الرضوخ لأي ضغوط خارجية، حتى لو جاءت من أقوى حلفاء بلاده. وسرعان ما انتشرت موجة من التأييد لزيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أشادت وسائل الإعلام المحلية بموقفه الحازم في مواجهة الانتقادات الأمريكية.
العالم ينقسم حول المواجهة بين ترامب وزيلينسكي
على الساحة الدولية، تباينت ردود الفعل حيال هذا التوتر الدبلوماسي. فقد أعرب القادة الأوروبيون عن تضامنهم مع أوكرانيا، معتبرين أن تصعيد ترامب يعكس نهجًا غير مستقر في التعامل مع الشركاء الدوليين، خاصة في ظل استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية.
في المقابل، لم تخفِ موسكو ارتياحها لهذا التوتر، حيث رأت في الخلاف العلني بين واشنطن وكييف مؤشرًا على تصدع الموقف الغربي الموحد تجاه أوكرانيا. واعتبر الكرملين أن أي توتر بين الحلفاء يصب في مصلحة الاستراتيجية الروسية، التي تسعى إلى إضعاف الدعم الدولي لأوكرانيا وإطالة أمد النزاع بما يخدم مصالحها.
دلالات وأبعاد استراتيجية
تكشف هذه المواجهة بين ترامب وزيلينسكي عن عدد من القضايا الجيوسياسية العميقة التي قد تعيد رسم ملامح العلاقات الدولية خلال الفترة المقبلة:
تحالفات متصدعة: الخلاف العلني بين واشنطن وكييف يعكس هشاشة التحالفات الدولية عندما تتعارض المصالح الاستراتيجية، وهو ما قد يؤثر على وحدة الموقف الغربي تجاه الأزمة الأوكرانية.
صراع الموارد في السياسة الدولية: فشل الاتفاق حول الموارد المعدنية الأوكرانية يبرز كيف يمكن للثروات الطبيعية أن تتحول من فرصة اقتصادية إلى نقطة اشتعال للخلافات الدبلوماسية.
تأثير الشخصيات القيادية على الدبلوماسية: الديناميكية الشخصية بين ترامب وزيلينسكي تثبت أن العلاقات الدولية لا تُبنى فقط على المصالح الاستراتيجية، بل تتأثر بشكل كبير بطباع القادة وأسلوبهم في التعامل مع الأزمات.
أهمية الدعم الشعبي: الالتفاف الشعبي الأوكراني حول زيلينسكي بعد هذه المواجهة يبرز الدور المحوري للرأي العام في تعزيز شرعية القادة، خاصة خلال الأوقات العصيبة.
ما الذي ينتظر العلاقات الأمريكية-الأوكرانية؟
في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا واقتراب الانتخابات الأمريكية، تظل العلاقة بين واشنطن وكييف أمام اختبار صعب. فهل سيؤدي هذا التوتر إلى تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا، أم أن المصالح الاستراتيجية ستفرض على الطرفين إعادة ضبط العلاقات؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال، ولكن المؤكد أن المواجهة الأخيرة بين ترامب وزيلينسكي قد تركت بصمة واضحة على المشهد السياسي العالمي، وقد تكون مؤشرًا على تغييرات أوسع في ميزان القوى الدولي.
بقلم:
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار