مقالات رأي

فضيحة ابن طفيل: الشعار بـ120 ألف درهم… والبحث العلمي في الإنعاش

فجّرت صفقة إنجاز الهوية البصرية لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة موجة من الانتقادات، بعد الكشف عن تخصيص أكثر من 120 ألف درهم لشركة خاصة لإنجاز مشروع لا يتجاوز تصميم شعار وهوية بصرية. مشروع كهذا كان يمكن إنجازه بكفاءات داخل الجامعة، من طلبة وأساتذة، وربما بجودة أعلى وبتكلفة لا تتجاوز عُشر المبلغ.

لكن هذه الواقعة، رغم أهميتها، ليست إلا الشجرة التي تخفي غابة من الأعطاب البنيوية التي تعاني منها الجامعة المغربية. منطق الصفقات، وغياب الشفافية، وتهميش الكفاءات الداخلية، بات هو السائد في تدبير مؤسسات التعليم العالي، بدل أن تكون فضاءً للإبداع والتكوين والنقاش الأكاديمي.

ما زاد من تعميق الجرح هو تنظيم الجامعة نفسها لحفل تخرج أثار جدلاً واسعاً، بعد أن تخللته فقرات فنية بمشاركة “شيخات”، ما اعتبره كثيرون إساءة لصورة الجامعة كمؤسسة علمية يُفترض أن تحافظ على وقارها الرمزي. وبدل أن يُختتم الموسم الجامعي بإنجاز علمي أو بحثي محترم، اختُتم بفضيحة إعلامية أدت إلى إعفاء رئيس الجامعة من طرف وزير التعليم العالي، عبد العزيز ميداوي.

لكن هل المشكلة في رئيس جامعة بعينه؟ أم في نموذج تدبير شامل بدأ يفشل في مختلف الجامعات المغربية؟

من المؤسف أن تتحول الجامعة إلى مقاولة صغيرة لتدبير الصفقات، بدل أن تكون مختبراً للبحث والتفكير والنقد. من المؤسف أكثر أن تتجاهل إدارات الجامعات قدرات طلبتها، فلا تفتح مسابقات داخلية ولا تخلق فرصاً حقيقية للمشاركة، بل تُغلق الأبواب وتفتح ميزانيات “الطلاء الخارجي” الذي لا يُخفي هشاشة البناء الداخلي.

لسنا ضد تطوير الصورة البصرية للمؤسسات، ولا ضد الاحتفال بتخرج الطلبة، ولكننا ضد أن يتحول ذلك إلى أولويات في ميزانيات جامعات عاجزة عن توفير مقاعد، أو إنترنت جيد، أو مكتبة محترمة.

الجامعة ليست شعاراً ولا حفل تخرج. الجامعة مشروع وطني لإنتاج الإنسان. وحين تفشل في هذا الدور، فإنها لا تضر طلبتها فقط، بل تضر الوطن بأكمله.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع الدائرة نيوز _ Dairanews لمعرفة جديد الاخبار